اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 262
الخديعة فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة مكركم وخداعكم
لَأُقَطِّعَنَّ اليوم أولا على رؤس الاشهاد أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ متبادلتين ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ زمانا كما يصلب البغاة الذين خرجوا على الولاة واولى الأمر والطاعة وبعد ما سمع السحرة تهديده
قالُوا حين كوشفوا بمآل الأمر وشوهدوا بحقيقة الحال مستطيبين فرحين مستنشطين إِنَّا بعد خلاصنا من ربقة ناسوتنا وسلسلة إمكاننا إِلى رَبِّنا حسب حصة لاهوتنا وحظ وجوبنا مُنْقَلِبُونَ صائرون راجعون رجوع الظل الى ذي الظل
وَما تَنْقِمُ مِنَّا أنت ايها الطاغي المتجبر المتكبر وما تنكر وتغضب علينا إِلَّا أَنْ آمَنَّا أيقنا واذعنا بِآياتِ رَبِّنا الذي قد أظهرنا من كتم العدم وربانا بأنواع اللطف والكرم لَمَّا جاءَتْنا وحين ظهرت علينا حقيتها وانكشفنا بها بتوفيق منه وجذب من جانبه ولو كوشفت أنت ايضا بما انكشفنا قد ارتفع غطاء التعامي وعشاء الغفلة عن بصر بصيرتك فتشهد أنت حينئذ بما شهدنا وشاهدت ما شاهدنا الا انه سبحانه قد ختم على قلبك وسمعك وبصرك بالغشاوة الغليظة والحجب الكثيفة لذلك استكبرت علينا واستنكرت بنا وبالجملة من لم يجعل الله له نورا فما له من نور ثم انصرفوا نحو الحق واشتغلوا بالمناجاة معه سبحانه ورفع الحاجات نحوه فقالوا متضرعين رَبِّنا يا من ربانا بلطفك وكرمك الى ان جعلتنا من زمرة شهدائك الذين بذلوا مهجهم في سبيلك طائعين راغبين أَفْرِغْ أفض واصبب عَلَيْنا صَبْراً من لدنك متواليا متتابعا حين اشتغل هذا الطاغي على إمضاء ما هددنا به بحيث لا يغيب عنا شوق لاهوتك ولا يغلب على قلوبنا الم ناسوتنا أصلا وَحين انقطع أنفاسنا عنا وخرج أرواحنا منا تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ مسلمين مستقرين متمكنين في مرتبة الرضا والتسليم ثابتين على جادة التوحيد واليقين بلا تزلزل وتلوين. ثبت أقدامنا على جادة معرفتك وتوحيدك يا خير الناصرين
وَبعد ما قد فعل فرعون اللعين بالسحرة أنار الله براهينهم ما هددهم به قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ يعنى بني إسرائيل لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ سيما بعد ما انتشر في اقطار الأرض غلبة موسى عليك ويغيروا طباع الناس عنك ويوقعوا الفتن بين رعايا بلادك وَبالجملة يؤدى أمرهم وإيقاعهم الى ان يَذَرَكَ اى كل واحد منهم عبادتك وَعبادة آلِهَتَكَ التي قد وضعتها أنت بين عبادك ليعبدوا لها من الأصنام والأوثان والتماثيل لتتخذوها معبودات وتتوجهوا نحوها قالَ فرعون لا ندعهم بعد اليوم على ما قد كانوا عليه من قبل ولا نستأصلهم ايضا لئلا ينسب العجز والظلم إلينا بل نستضعفهم على التدريج سَنُقَتِّلُ بعد اليوم أَبْناءَهُمْ اى ذكور أولادهم لئلا يتكثروا وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ اى نبقى إناث أولادهم حتى نتزوجهن وينزجروا بلحوق العار وبعد ما مضى زمان على هذا انقرضوا واستوصلوا وَكيف لا نفعل معهم هذا إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ قادرون غالبون وبالجملة نفعل بهم اليوم ما فعلنا معهم في ما مضى لئلا يتوهم ان موسى هو المولود الذي قد زعم الكهنة والمنجمون ان زوال ملكنا على يده
ثم لما سمع بنوا إسرائيل تهديد فرعون تفزعوا منه وتضجروا وبثوا الشكوى الى الله متضرعين قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ تسلية لهم وازالة لضجرتهم اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ لدفع مضارهم وَاصْبِرُوا على أذاهم ولا تقنطوا من نصر الله وعونه إياكم ولا تيأسوا من روح الله إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ إيجادا وتملكا وتصرفا يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَبالجملة الْعاقِبَةُ الحميدة لِلْمُتَّقِينَ منهم وهم الذين يتقون ويحذرون عن محارم الله ويصبرون على عموم ما جرى عليهم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 262